Baseerasincolor - the campaign
<

خلل التوزيع الجغرافى لمقاعد مجلس الشعب .. هل يتداركه مجلس الشورى؟


د.ماجد عثمان

ديسمبر-2012



يتأهب مجلس الشورى للنظر فى عدد من القوانين المهمة وعلى رأسها قانون انتخابات مجلس النواب الجديد. وطبقا للمرسوم بقانون رقم 121 لسنة 2011 فى شأن تحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشعب فقد تم تقسيم الجمهورية إلى 46 دائرة انتخابية تخصص لانتخابات القوائم الحزبية وإلى 83 دائرة انتخابية تخصص للانتخابات بالنظام الفردى. وتم تخصيص 332 مقعدا لدوائر القوائم و166 مقعدا لدوائر الانتخاب بالنظام الفردى ليصبح إجمالى مقاعد مجلس الشعب 498 مقعدا، على أن يتم تمثيل الدوائر الفردية بمقعدين فى كل دائرة، أما عدد المقاعد فى الدوائر بنظام القائمة فتتراوح بين 4 و12 مقعدا.

وقد صاحب هذا القانون إعادة ترسيم حدود الدوائر الانتخابية وتحقيق التناظر بين نطاقها الجغرافى وبين التقسيم الإدارى للدولة، وهو شرط ضرورى لاستخدام الرقم القومى فى الإدلاء بالأصوات. والتقسيم الإدارى القائم يقسم الجمهورية إلى 358 قسما ومركزا، وقد قامت وزارة الداخلية بتعديل حدود الدوائر الانتخابية بحيث تشتمل على عدد من الأقسام والمراكز المتجاورة جغرافيا. وقد راعت ضوابط تقسيم الدوائر الانتخابية فى المرسوم بقانون رقم 121 لسنة 2011 أن تضم كل دائرة انتخابية العدد المناسب من الوحدات الإدارية الكاملة الكيان ودون تجزئة ــ علاجا لعوار القانون السابق، كما راعت التجاور الجغرافى للمكونات الإدارية لكل دائرة فردية وتجاور الدوائر الفردية المكونة لدوائر القوائم وتوحيد المقار الانتخابية لتسهيل عملية التأمين وإتمام الفرز وإعلان النتائج. وهو تعديل جوهرى للواقع الفاسد الذى ارتبط بعمليات الانتخابات البرلمانية لعدة عقود ماضية لما يشوبه من انتقائية مقصودة للتأثير فى نتائج الانتخابات.

وقد اعتمد المُشرع فى تحديد عدد المقاعدد المخصصة لكل محافظة على المعايير التالية:

• مراعاة النظام الانتخابى الذى تم إقراره (ثلثى المقاعد للقوائم الحزبية والثلث للمقاعد الفردية).

• ضرورة عدم فقد أى محافظة لأى مقعد سبق الحصول عليه بالانتخابات السابقة ــ وعدم المساس بهذا الحق المكتسب ــ وفى معظم الحالات زاد عدد الأعضاء بالمحافظة.

• أن تضم كل دائرة انتخابية العدد المناسب من الوحدات الإدارية الكاملة الكيان ودون تجزئة ــ علاجا لعوار القانون السابق.

• التجاور الجغرافى للمكونات الإدارية لكل دائرة فردية وتجاور الدوائر الفردية المكونة لدوائر القوائم وتوحيد المقار الانتخابية لتسهيل عملية التأمين وإتمام الفرز وإعلان النتائج.

• تناسب أعداد الناخبين (وفقا لآخر حصر بقاعدة بيانات الناخبين).

• التوافق مع التقسيم الإدارى الجديد بعد إلغاء محافظتى حلوان و٦ أكتوبر وعودة مكوناتها لمحافظتى القاهرة والجيزة.

ونتج عن ذلك تخصيص 54 مقعدا للقاهرة و36 مقعدا للدقهلية و30 مقعدا لكل من الجيزة والغربية والشرقية والبحيرة وسوهاج و24 مقعدا لكل من الإسكندرية والمنوفية والمنيا وأسيوط و18 مقعدا لكل من كفر الشيخ والقليوبية وبنى سويف والفيوم وقنا و12 مقعدا لمحافظة دمياط، أما باقى المحافظات العشرة فقد خصص لكل منها 6 مقاعد. ويلاحظ أنه فى ظل تقسيم المقاعد بين الفردى والقائمة بنسبة الثلث والثلثين ومع تخصيص نصف المقاعد للعمال والفلاحين فإن عدد المقاعد المخصص لكل محافظة يكون مضاعفات الرقم 6. وإذا تم تعديل نسبة المقاعد بنظام القائمة لتصبح النصف بدلا من الثلثين سيكون عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة مضاعف الرقم 4 بدلا من 6، وهو ما يعطى مرونة أكبر فى تحقيق توازن بين عدد الناخبين فى المحافظة وعدد مقاعد البرلمان المخصصة لهذه المحافظة.

وبالنظر إلى هذا التوزيع يتضح أن به بعض القصور فى مراعاة التمثيل النسبى لعدد الناخبين بكل محافظة. وأحد المؤشرات التى تعكس مدى توازن التمثيل الجغرافى فى المجالس النيابية هو متوسط عدد الناخبين لكل مقعد فى المحافظات المختلفة. وعلى مستوى الجمهورية، فإن المقعد الواحد فى مجلس الشعب يقابله نحو 100 ألف ناخب. وعند حساب هذا المؤشر على مستوى المحافظة، يتضح وجود تفاوتات واضحة بين المحافظات. وأحد أسباب التفاوتات يرجع إلى الحرص على زيادة التمثيل النسبى للمحافظات قليلة السكان حيث يتراوح عدد الناخبين لكل مقعد فى المحافظات الحدودية بين 36.8 ألف ناخب فى البحر الأحمر و10 آلاف ناخب فى جنوب سيناء، وهو مبدأ معمول به فى دول كثيرة.

إلا أن التفاوتات التى نشير إليها فى هذا المقال ــ والتى تحتاج إلى مراجعة ــ لا تتصل بالمحافظات الحدودية وإنما بباقى المحافظات. فهناك عدد من المحافظات يصل فيها متوسط عدد الناخبين مقابل كل مقعد إلى أكثر من 140 ألف ناخب وهى محافظات القليوبية (144 ألف ناخب لكل مقعد) وأسوان (142 ألف ناخب لكل مقعد) والجيزة (142 ألف ناخب لكل مقعد). وفى المقابل يتراوح هذا المؤشر بين 60 ألف ناخب لكل مقعد و80 ألف ناخب لكل مقعد فى محافظات السويس ودمياط وبورسعيد وسوهاج وبنى سويف.

ويمكن التدليل على هذه التفاوتات من خلال الأمثلة التالية:

• محافظة الجيزة بها ثانى أكبر عدد من الناخبين (4.3 مليون ناخب) وممثلة فى المجلس بــ30 مقعدا فى حين أن محافظة الدقهلية بها عدد أقل من الناخبين (3.7 مليون ناخب) ومخصص لها عدد أكبر من المقاعد (36 مقعدا).

• محافظة الإسكندرية والتى تضم رابع أكبر عدد من الناخبين (3.3 مليون ناخب) مخصص لها 24 مقعدا فى حين أن الغربية بها عد أقل من الناخبين (2.9 مليون) ومخصص لها 30 مقعدا. ونفس الشىء ينطبق على البحيرة وسوهاج التى يقل عدد الناخبين بكل منها عن عدد ناخبى الإسكندرية فى حين أن كل منها له 30 مقعدا.

• محافظة القليوبية بها 2.6 مليون ناخب ولها 18 مقعدا فى حين أن محافظة سوهاج بها 2.3 مليون ناخب ولها 30 مقعدا.

• محافظة أسوان بها 853 ألف ناخب ولها 6 مقاعد فى حين أن محافظة دمياط بها 849 ألف ناخب، ولها 12 مقعدا أى ضعف عدد المقاعد المخصصة لأسوان.

وخلاصة تحليل بيانات أعداد الناخبين وأعداد المقاعد المخصصة لكل محافظة تستوجب زيادة عدد المقاعد المخصصة لمحافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة والقليوبية وتخفيض عدد المقاعد المخصصة لدمياط والمنوفية والفيوم وبنى سويف وأسيوط وسوهاج وقنا.

أضع هذا المقترح أمام أعضاء مجلس الشورى لأخذها فى الاعتبار قبل إقرار قانون مجلس النواب الجديد بحيث يصبح التمثيل البرلمانى للمجلس الجديد أكثر متوازنا من الناحية الجغرافية، لتحقيق التناظر بين التمثيل الديمقراطى والتمثيل الديموجرافى.



الشروق