Baseerasincolor - the campaign
<

انخفاض شعبية الرئيس.. الدلالات والمغزى!


محمد علي إبراهيم

أكتوبر-2016



الأرقام التي أعلنها مركز«بصيرة» لاستطلاع الرأى العام حول شعبية الرئيس لا تصلح أن تكون مقياسا حقيقيا لشعبيته، لكن خطورتها أنها صادرة من جهة شبه حكومية كانت إلى صفة حتى وقت قريب، ثم لم تستطع على ما يبدو أن تستمر في تجميل وجه النظام أكثر من ذلك.. أو ربما تكون أوامر أو توجيهات صدرت بأن الأغلبية مازالت مع الرئيس وإن كانت انخفضت من 82 % قبل شهرين إلى 68 % أمس الأول.

في الديمقراطيات الكبرى والصغرى هذه النسبة لا يحظى بها أحد فهي ضخمة جدا بمعايير الغرب من ثم ينبغي أن ننظر لها باعتبارها تطورا طبيعيا لسلسلة من السياسات لم تحظ بتأييد المصريين.. نحن في بلادنا لا نقنع سوي بـ 90% مع أنها نسبة المفروض أن الزمن تجاوزها بعد ثورتين.

لكن دعونى أولا أؤكد أننى لا أملك سوي تصديق هذه الأرقام لأننا لا نحظى هنا بترف تعدد مراكز استطلاع الرأى.. المركز الآخر «ابن خلدون» ينظر إليه على أنه ممول خارجيا، وبالتالى فربما يكون منحازا لرأى مموليه.. لذا ليس أمامنا سوى «بصيرة» حتى وإن كان الاستطلاع يتم من خلال التليفون الأرضى على الفئة العمرية من 18 عاما فأكثر وعلى 1520 مواطنا فقط من كل محافظات الجمهورية ..

لا ضير أن تنخفض شعبية الرئيس إلى 68 % فهو مازال في منطقة الأمان، لكن الخطر يتمثل في عده أشياء أوجزها فيما يلى بشكل علمى بحت..

1- نسبة من ينوون انتخاب الرئيس مرة أخرى تبلغ 53 % من الشباب الحاصلين على تعليم جامعى.. الدلالة أن الشباب فقد الثقة في مستقبله بالبلد.. وأن 60 % من المصريين «الشباب» لم يجدوا إعلاما يخاطبهم لطمأنتهم على الغد.. وجدوا أنفسهم محاصرين بين التطبيل والتمجيد والتشويه.. أما نسبة الشباب والشيوخ معا فترتفع إلى 59 %..

2- في استطلاعات الرأى طبيعى أن تختلف السنة الأولى عن الثانية، لكن خلال 24 شهرا انخفض مؤشر الرئيس من 97 % إلى 91 % إلى 82 % في يونيو الماضى ثم إلى 68 %.. علميا الرئيس يسحب من رصيده «على المكشوف «.. الرصيد الأساسى للسيسى كان الأمن والأمان وإنقاذ البلد من الإخوان ومصير سوريا والعراق.. والحقيقة أن المواطن الذي يتم أخذ رآيه في الاستطلاع لا يعرف حكومة ولا برلمان ولا فيس بوك.. هو يعلق المشاكل في رقبة الرئيس هكذا تعودنا منذ 1952.. من ثم فإن أهم نسبة في عدم الموافقة على السيسى «74%» كانت بسبب غلاء الأسعار.. رغم ان نفس النسبة الرافضة له في يونيو الماضى كانت 53 %.. والدلالة البسيطة أن جيب المواطن يحكم مستقبل أي رئيس.. ليس السيسى فقط بل أي مواطن وأي رئيس بأى جزء من العالم ..

3- أخطر ما في الأسئلة التي طرحها مركز «بصيرة» هو سؤال صريح هل ستختار الرئيس في حال وجود مرشح أمامه.. الخطورة أن الأجابة لم تكن محددة ..21 % قالوا إن قرار انتخابه يتوقف على المرشح الذي أمامه.. و21% رفضوا اعادة انتخابه بغض النظر عمن يخوض الانتخابات أمامه ..

بمعنى آخر 42 % سيختارون مرشحا آخر لو كان له ثقل وشعبية وخبرة ..طبعا ليس البرادعى ولا حمدين صباحى ولا عصام حجى.. لكن ربما يكون شفيق إذا أفرجوا عنه، لكن هذه قصة أخرى ..

4- قلت إن الرئيس مازال في مرحلة الأمان رغم خسارته حوالي 30 % من نسبة الموافقين عليه في المرة الأولى.. هنا يجب أن ينظر مستشارو الرئيس إلى تلك الأرقام بواقعية ويمتلكوا رؤية عملية لرفعها مرة أخرى.. لا مجال الآن لاتهام الإعلام والصحافة بأنهما ينشران مناخا تشاؤميا ، فقد تم تأميم معظم الفضائيات ودشنت محطات جديدة.. جرى تأديب المشاغبين وأحتواء المعارضين.. فلا بد أن تكون هناك مبادرة أخرى من جانب الرئاسة لتحقيق أنفراجة شعبية.

5- الرئيس يحتاج من جديد لتطعيم مكتبه بسياسيين من العيار الثقيل.. بعضهم كان موجودا أيام حملته الأنتخابية في عهد الرئيس عدلى منصور مثل مصطفى حجازى وحازم عبدالعظيم وأحمد المسلمانى وعمرو الشوبكى.. ولا مانع من الأستفادة من الجيل الذي عمل مع مبارك ممن لم تحرك ضدهم دعادى جنائية مثل مصطفى الفقى ود. محمد كمال وجهاد عودة وعلى الدين هلال.. هؤلاء أصلح بالتأكيد من قادة الكتائب الالكترونية والصحفيين «على ما تفرج» الذين يستعين بهم النظام الاًن.. يا ريس بالبلدى كده أنت محتاج أسطوات سياسية ومعلمين.. مثلا كان يمكن أن ينصحوك بتأجيل العاصمة الأدارية بضعه سنوات وأستخدام الأموال لمشروع التأمين الصحى الشامل ليتم معالجة المصريين بدون شفقة أو إحسان، بدلاً من ان تفرض عليهم رسوماً لعلاج القضاة الميسورين!

6- لاحظ يا ريس أن قناة السويس الجديدة التي تعتبرها درة التاج في إنجازاتك انخفضت نسبة الإعجاب بها من 35 % إلى 19 % وهؤلاء ليسوا فقط مشككين في جدواها ولكن كثيرين منهم يعتبرونها سببا في البلاء وارتفاع الأسعار وزيادة سعر الدولار وتدهور الجنيه.

وأخيراً هناك فئة أرجو أن تتخلص منها وهي التي تفتى دائما أن البكاء على اللبن المسكوب ينفع عكس كل النظريات الاقتصادية، ففى رأيهم ان الاستمرار في إغراق الأرض باللبن سينتج في النهاية بقراً نحلبه ونغرق به الأرض مجدداً.. ياريس حان وقت البشر وانتهي زمن الحجر.

يا رب عفوك ولطفك!



المصرى اليوم