Baseerasincolor - the campaign
<

على طريق التنمية: هل نحن مستعدون لعام 2030؟


د.حنان جرجس

أبريل-2017



صدر منذ عدة أيام تقرير التنمية البشرية الدولى، والذى يعلن فيه قيمة مؤشر التنمية البشرية لكل دولة من دول العالم فى عام 2016. ومؤشر التنمية البشرية هو مؤشر مركب يشير إلى حالة التنمية فى الدولة من خلال مؤشرات التعليم والصحة والدخل القومى فى الدولة. وقد أوضح التقرير الأخير أن مؤشر التنمية البشرية فى مصر قد بلغ 0.691 مقابل 0.688 فى التقرير السابق، وهو ما يشير إلى تحسن طفيف فى قيمة مؤشرات التنمية البشرية فى مصر. وبالرغم من هذا التحسن تراجع ترتيب مصر بين الدول من الترتيب 108 فى عام 2015 إلى الترتيب 111 فى عام 2016، وهو ما يعنى ببساطة أن هناك دولا استطاعت تحقيق تقدم أكبر من التقدم الذى حققته مصر فى المؤشرات الخاصة بالتعليم والصحة والدخل القومى مما جعل ترتيب مصر يتراجع.

هذا التراجع يدعونا إلى التفكير فى الأهداف التى وضعتها رؤية مصر 2030 والتى أعلنت فى عام 2015، وتضمنت هدفا واضحا ينص على أن تصبح مصر من أفضل 30 دولة فى مؤشر التنمية البشرية بحلول عام 2030، وهو ما يعنى ضرورة تقدم ترتيب مصر بين الدول بناء على قيمة مؤشر التنمية البشرية 5 مراكز فى المتوسط كل عام بدايةً من عام 2015. إن الهدف الذى وضعته رؤية مصر 2030 يحمل فى طياته افتراض أن مصر ستتقدم فى مؤشرات الصحة والتعليم والدخل القومى لكن دول العالم الأخرى ستبقى على الوضع الذى تم رصده فى 2015 أو على الأقل يفترض أن هذه الدول لن تتقدم بوتيرة أسرع من وتيرة تقدم مصر، وهو افتراض تدحضه نتائج تقرير التنمية البشرية الأخير والذى يوضح كما سبق أن أشرت أن مصر تحرز تقدما لكنه تقدم أبطأ من التقدم الذى حققته دول أخرى مما أدى إلى تراجع ترتيب مصر بين دول العالم.

ولكن دعونا نفترض أن مصر ستحرز تقدما بينما تقف الدول الأخرى فى مكانها دون إحراز أى تقدم، ومن ثم نحاول استقراء بعض المؤشرات لتحديد احتياجات مصر فى مجالى التعليم والصحة لتصبح مصر فى 2030 من أفضل 30 دولة فى التنمية البشرية.

وحتى يتم حساب احتياجات مصر بصورة دقيقة لا يمكن أن نغفل الزيادة السكانية الكبيرة التى تشهدها مصر فى العقود الأخيرة. وبناء على ما جاء فى الإستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2030، والتى أعلنت فى نوفمبر 2014 فإن استمرار معدلات الإنجاب الحالية (3.5 طفل لكل سيدة فى المتوسط) سيؤدى إلى زيادة عدد سكان مصر إلى 119 مليون نسمة بحلول عام 2030، وإذا استطعنا خفض معدلات الإنجاب إلى 2.4 طفل فى المتوسط لكل سيدة – وهو الهدف الذى تسعى الإستراتيجية القومية للسكان والتنمية إلى تحقيقه - سيصل عدد سكان مصر إلى 111 مليون نسمة بحلول عام 2030.

وبدراسة مؤشرات الصحة والتعليم فى أفضل 30 دولة فى العالم، وبمجموعة من الحسابات نستطيع أن نصل إلى أنه على مستوى الصحة إذا استمرت معدلات الزيادة السكانية الحالية ستحتاج مصر فى 2030 من الأطباء ما يساوى 4.8 ضعف العدد المتوافر حاليا ومن أسرة المستشفيات ما يساوى 4.5 ضعف العدد المتوافر حاليا، وعلى مستوى التعليم ستحتاج مصر إلى مضاعفة عدد الفصول 3 مرات بحلول عام 2030 وإلى زيادة المدرسين إلى 2.8 ضعف العدد الحالى.

هذه الأرقام تدعونا إلى العديد من التساؤلات حول إمكانية تحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030:

أولا: هل تستطيع مصر حقا تحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030 فى ظل الزيادة السكانية المرتفعة التى تشهدها حاليا؟ وهل تقوم الدولة بالجهود الكافية للسيطرة على هذه الزيادة السكانية؟

ثانيا: هل الجهود التنموية التى تتم حاليا ستمكن مصر من أن تصبح من أفضل 30 دولة على مستوى العالم فى الصحة والتعليم خاصةً مع انخفاض جودة الخدمات ومحدودية الموارد؟

ثالثا: هل الأولويات التى تضعها إدارة الدولة حاليا تتوافق مع الرغبة فى إحداث تنمية بشرية حقيقية فى مصر خلال السنوات القادمة؟

هذه التساؤلات أطرحها للقارئ العزيز وللقائمين على إدارة الدولة من قبله حتى لا يفاجئنا عام 2030 بقدومه كما يفاجئنا شهر رمضان من كل عام دون استعداد له.



الشروق